في الآونة الأخيرة، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من استخدام الروبوتات المفخخة في عملياته العسكرية داخل مدينة غزة، مستهدفًا الأبراج والأحياء المكتظة بالسكان. وقد خلّفت هذه الهجمات دمارًا هائلًا في البنية التحتية، وتشريدًا لآلاف العائلات، وسط تحذيرات من أن هذه التكنولوجيا تُستغل لإحداث كوارث إنسانية واسعة النطاق داخل القطاع.
وقال الباحث في الشأن العسكري والأمني رامي أبو زبيدة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على نوعين رئيسيين من الروبوتات في عملياته العسكرية داخل قطاع غزة.
وأوضح، في حديثه لوكالة الأناضول، أن الفئة الأولى عبارة عن مركبات مجنزرة معدلة، مثل ناقلات الجند القديمة من طراز M113، يجري تزويدها بأطنان من المتفجرات وتشغيلها عن بعد، ليتم تفجيرها وسط الأحياء قبل دخول القوات البرية، بهدف إحداث دمار واسع يفتح الطريق أمام الجنود.
أما الفئة الثانية، فهي روبوتات أرضية صغيرة الحجم تشبه العربات المتحركة أو الروبوتات الآلية، حيث يُخصص بعضها لإزالة العبوات الناسفة، فيما يُجهّز بعضها الآخر ببراميل متفجرة تُدفع نحو مداخل الأنفاق أو إلى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وأشار أبو زبيدة إلى أن الانفجارات الناجمة عن هذه الروبوتات تؤدي غالبًا إلى انهيارات متسلسلة للمباني المتلاصقة، مخلّفة دمارًا هائلًا للبنية التحتية، وقد تتسبب في سقوط العديد من المنازل دفعة واحدة داخل الأحياء المكتظة.
دوافع الاستخدام وتداعياته
يرى الباحث أن الدافع الأساسي من وراء استخدام الروبوتات هو تقليل الاحتكاك المباشر مع المقاتلين الفلسطينيين، وتهيئة ممرات آمنة لدخول القوات عبر تفجير المباني مسبقًا، فضلًا عن محاولة تقليل الخسائر البشرية في صفوف الجيش.
لكن في المقابل، يؤكد أن الكلفة الإنسانية باهظة للغاية، إذ ينتج عن هذه التفجيرات محو أحياء كاملة وتشريد مئات العائلات، إلى جانب ما تسببه من أثر نفسي وردعي يهدف إلى نشر الخوف بين المدنيين ودفعهم إلى النزوح.
أضاف أن هذه الأساليب لم تنجح في إنهاء قدرة المقاومة على زرع العبوات أو تنفيذ عملياتها الميدانية، لكنها ساهمت في إحداث دمار شامل وتهجير جماعي للسكان، ما يجعل هذه الروبوتات أداة حرب إبادة أكثر منها مجرد تكتيك عسكري.
وفي السياق، قال مصدر أمني بغزة إن هذه الروبوتات تُستخدم لتقليل خسائر الجيش في الميدان، إذ تُدفع ناقلات جند قديمة ليلا عبر جرافات إلى داخل الأحياء قبل تفجيرها عن بعد، محدثة موجات انفجارية تصل إلى مسافة 300 متر، تتسبب بانهيارات متسلسلة في المباني المتلاصقة.
وأضاف المصدر مفضلا عدم نشر اسمه أن "هذا التكتيك برز بوضوح عند دخول الجيش الإسرائيلي مدينة جباليا ومخيمها في مايو 2024، حينما استهدفت المقاومة آليات إسرائيلية ليتبين لاحقا أنها كانت فارغة وتعمل كروبوتات متفجرة، انفجرت بشكل ضخم وأحدثت دمارا واسعا".
ومطلع سبتمبر / أيلول الجاري، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي يدمر يوميا نحو 300 وحدة سكنية باستخدام 15 عربة مفخخة تحمل قرابة 100 طن من المتفجرات.
وأوضح المرصد الحقوقي، أن كل عربة قادرة على محو 20 وحدة سكنية دفعة واحدة، ما يعني فقدان مئات آلاف المواطنين لمنازلهم ونزوحهم مجددا في ظروف قاسية.
كما أشار إلى أن التفجيرات تتم غالبا ليلا أو فجرا لإثارة الرعب ودفع المواطنين للنزوح، وتسمع أصواتها على مسافات تتجاوز 40 كيلومترا، ما يعكس حجم التدمير الهائل.

